لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلْمًا (١٢)}، فاللام في قوله:{لِتَعْلَمُوا} متعلقة بقوله: {خَلَقَ}، أي: خلق ذلك الخلق كله لتعلموا أن الله على كل شيء قدير، وأنه محيط بكل شيء علمًا.
وبه تعلم أن حكمة خلق الخلق إلهية ربانية لا نبوية.
ومن الحكم العظام في خلقه تعالى للخلق، أن يأمرهم وينهاهم على ألسنة رسله، ثم يختبرهم، أي: يبتليهم أيهم أحسن عملًا، ثم يجازيهم على ذلك، وقد أوضح تعالى هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله تعالى في أول سورة هود:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}[الآية: ٧]، ثم بيَّن حكمة ذلك فقال:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، فاللام في قوله:{لِيَبْلُوَكُمْ} متعلقة بقوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}.
ونظيره في المعنى قوله تعالى في أول الكهف: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧)}.
وقوله تعالى في أول الملك:{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الآية: ٢].
وقوله تعالى في آخر الذاريات: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧)}، فقوله:{لِيَعْبُدُونِ} التحقيق في معناه أن المراد: إلَّا لآمرهم بعبادتي (١)، وأنهاهم عن معصيتي، فأوفق من شئت منهم إلى عبادتي، كما دلت على
(١) انظر: تفسير ابن كثير: ٧/ ٤٠١، وأضواء البيان: ٧/ ٦٧٣، ودفع إيهام الاضطراب: ١٥٩.