للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهناك طائفة ثالثة أرادت أن تجمع بين القولين، فقالت: إن ما دل عليه الوحي من كون محل العقل هو القلب صحيح، وما يقوله الفلاسفة ومن وافقهم من أن محله الدماغ صحيح أيضًا، فلا منافاة بين القولين.

قالوا: ووجه الجمع أن العقل في القلب كما في القرآن والسنة ولكن نوره يتصاعد من القلب فيتصل بالدماغ وبواسطة اتصاله بالدماغ يصدق عليه أنه في الدماغ من غير منافاة لكون محله هو القلب (١).

قالوا: وبهذا يندفع التعارض بين النظر العقلي الذي زعمه الفلاسفة وبين الوحي.

واستدل بعضهم لهذا الجمع بالاستقراء غير التام، وهو المعروف في الأصول بإلحاق الفرد بالغالب، وهو حجة ظنية عند (جماعة) [١] الأصوليين (٢) وإليه أشار صاحب مراقي السعود في كتاب الاستدلال في الكلام على أقسام الاستقراء بقوله:

وهو لدى (٣) البعض إلى الظن انتسبْ ... يُسْمى لحوقَ الفرد بالذي غلبْ (٤)


(١) ممن نحى هذا المنحى أبو الحسن التميمي من الحنابلة. كما في العدة: ١/ ٨٩ لأبي يعلى، والمسودة: ٢/ ٩٨٢، واختاره ابن القيم في كتابه أقسام القرآن ٢/ ٢٧٥، ومفتاح دار السعادة: ١/ ١٩٥، ونسبه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى طائفة من أصحاب أحمد. كما في مجموع الفتاوى: ٩/ ٣٠٣، وذكره الماوردي في الحاوي: ١٢/ ٢٤٧ بدون نسبة، وانظر: البحر المحيط: ١/ ٨٨.
(٢) انظر: البحر المحيط: ٦/ ١٠، وشرح تنقيح الفصول: ٤٤٨، وشرح الكوكب المنير: ٤/ ٤١٩، وأضواء البيان: ٢/ ٥ و ٥/ ٣٢٩.
(٣) في متن المراقي: "في" بدل: "لدى". قال معد الكتاب للشاملة: في (أ): في.
(٤) مراقي السعود: ١٠٢، والمراقي أيضًا مع نشر البنود: ٢/ ٢٥١، ومع مراقي السعود: ٣٩٦، ومع نثر الورود: ٥٦٧، ومع فتح الودود: ١٨٤.

[١] قال معد الكتاب للشاملة: في (أ): جماعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>