للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الجواب عن المسألة الثانية، فهو أن ما ذكرتم من أن القرآن [العظيم] [١] فرَّق بين المشركين وبين أهل الكتاب، واستشهدتم لذلك بآية المائدة: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} الآية [المائدة: ٨٢]، فهو كما ذكرتم؛ لأن العطف يقتضي بظاهره الفرق بين المعطوف والمعطوف عليه. وقد تكرر في القرآن عطف بعضهم على بعض، كالآية التي تفضلتم بذكرها، وكقوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ} الآية [البينة: ١]، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} الآية [البينة: ٦]، وقوله تعالى: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيكُمْ مِنْ خَيرٍ مِنْ رَبِّكُمْ} الآية [البقرة: ١٠٥]، وقوله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} الآية [آل عمران: ١٨٦]، إلى غير ذلك من الآيات.

وظاهر العطف يقتضي المغايرة بين المتعاطفين؛ لأن عطف الشيء على نفسه يحتاج إلى دليل خاص يجب الرجوع إليه مع بيان المسوغ لذلك، كما هو معلوم في محله.

وما تفضلتم بذكره من أن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - أمر بإلحاق أهل الكتاب بالمشركين في عدم دخول المسجد الحرام (١)،


(١) أخرجه ابن جرير في تفسيره: ١١/ ٣٩٨، وأبو الشيخ كما في الدر المنثور: ٤/ ١٦٥، وأبو نعيم في الحلية: ٥/ ٣٢٥، عن الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز أن يمنع أن يدخل اليهود والنصارى المساجد، وأتبع نهيه: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}. وأخرجه ابن أبي شيبة: ٢/ ٥٢٧، ٦/ ٥١٢، ٥١٣، والبيهقي ١٠/ ١٠٣ بمعناه.
وانظر: مسائل إسحاق بن منصور الكوسج: المسألة رقم (٤٨٣)، وتفسير ابن كثير: ٤/ ٧٣.

[١] قال معد الكتاب للشاملة: ما بين المعقوفين ساقط من المطبوع، وزيادة من (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>