للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن ما يظنه بعض أهل العلم من أن حديث عائشة هذا الدال على أن السعي بين الصفا والمروة لا بد منه، وأنه لا يتم بدونه حج ولا عمرة أنه موقوف عليها غير صواب. بل هو مرفوع. ومن أصرح الأدلة في ذلك أنها رتبت بالفاء قولها: "فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما"، على قولها: "قد سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بينهما"، وهو صريح في أن قولها: "ليس لأحد أن يترك الطواف بينهما" لأجل أنه - صلى الله عليه وسلم - سن الطواف بينهما. ودل هذا الترتيب بالفاء على أن مرادها بأنه سنة أنه فرضَه بسنته كما جزم به ابن حجر في الفتح (١) مقتصرًا عليه مستدلًا له بأنها قالت: "ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة"، فقولها: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - سن الطواف بينهما" وترتيبها على ذلك بالفاء في قولها: "فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما" وجزمها بأنه لا يتم حج ولا عمرة إلَّا بذلك دليل واضح على أنها إنما أخذت ذلك مما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا برأي منها كما ترى.

الأمر الخامس: أن إقرار المسعى الأعلى الجديد لا يؤمن أن يكون ذريعة لعواقب غير محمودة، وذلك من جهتين:

الأولى: أنه يخشى أن يكون سببًا لتغييرات وزيادات في أماكن النسك الأخرى، كالمرمى (٢) وكمطاف مماثل فوق الكعبة.


(١) فتح الباري: ٣/ ٥٠١.
(٢) رحم الله الشيخ لو كان حيًّا وشاهد أو سمع بما يحصل من الوفيات نتيجة الازدحام الشديد عند رمي الجمرات لكان له موقف آخر. على أنه قد أُحدث مرمى أعلى فوق المرمى الأرضي بناءً على فتوى العلماء.
ينظر في هذا السياق: فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم: ٥/ ١٥٥، والاختيارات =

<<  <  ج: ص:  >  >>