فقام زياد فتكلم، فأبلغ؛ فعجب الناس من بيانه، وقالوا:" إن ابن عبيد لخطيب ". قال علي: فسمع ذلك أبو سفيان بن حرب؛ فأقبل علي، فقال:" ليس بابن عبيد؛ وأنا والله أبوه! ما أقره في رحم أمه غيري! " قلت: " فما يمنعك منه؟ " قال: " خوف هذا! " يعني عمر بن الخطاب. فكان آل زياد يشكرون ذلك للمنذر بن الزبير. ثم بدا ليزيد؛ فكتب إلى عبيد الله بن زياد يأمره بحبس ذلك المال عن المنذر، وألا يدع المنذر يخرج من البصرة، وذلك حين خالفه عبد الله بن الزبير، فخاف أن يلحق بأخيه، فيكون ذلك المال عوناً له؛ فأرسل إليه ابن زياد، فأخبره الخبر، وقال:" قد أجلتك ثلاثاً، وخذ من وراء أجلي ما شئت "، فانطلق المنذر قبل مكة، وسار سيراً شديداً. وقال الراجز:
تركن بالرمل قياماً حسراً ... وقد تلحق المولى العنود الجرائر
فكان المنذر على الصفا؛ فقال:" هذا ابن عثمان، حاشته العرب! " ثم تمثل:
جنيت على باغي الهوادة منهم ... لو يتكلمن اشتكين المنذرا
فسمع ابن الزبير، صوت المنذر مع عبد الله حتى قتل المنذر؛ كان على بغلة، فصرع عنها؛ فقاتل وهو راجل، وجعل يقول:
يأبى بنو العوام إلا وردا ... من يقتل اليوم يزود حمدا
فلم يزل يقاتل حتى قتل، وذلك في حصار بن نمير، وهو حصار ابن الزبير الأول.
ومن ولد عروة بن الزبير عمر بن عروة، قتل مع ابن الزبير؛ وعبد الله بن عروة؛ لا عقب لعمر، ولعبد الله عقب، رجل واحد، لم يبق غيره من