٤٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مَطْرُوحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أُصْبَغُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّهُ قَالَ: فَتَحَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ فَسَكَنَهَا الْمُسْلِمُونَ فِي رِبَاطِهِمْ، ثُمَّ قَفَلُوا، ثُمَّ غَزَوْا فَابْتَدَرُوا فَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي إِلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي كَانَ فِيهِ صَاحِبُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَبْتَدِرُهُ فَيَسْكُنُهُ، فَلَمَّا غَزَوْا، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: " إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَخْرَبَ هَذِهِ الْمَنَازِلُ إِذَا كُنْتُمْ تَتَعَاوَرُونَهَا، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْكِرْيَوْنِ، قَالَ: سِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ رَكَزَ رُمْحَهُ فَهِيَ لَهُ وَلِبَنِي أَبِيهِ ".
فَكَانَ الرَّجُلُ يَدْخُلُ الدَّارَ فَيَرْكُزُ رُمْحَهُ فِي مَنْزِلٍ مِنْهَا ثُمَّ يَأْتِي آخَرَ فَيَرْكُزُ رُمْحَهُ فِي بَعْضِ بُيُوتِ الدَّارِ لِقَبِيلَتَيْنِ وَثَلَاثَةِ قَبَائِلَ فَكَانُوا يَسْكُنُونَهَا، فَإِذَا قَفَلُوا سَكَنَهَا الرُّومُ وَعَلَيْهِمْ مَرَمَّتُهَا، فَكَانَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، يَقُولُ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْ كِرَائِهَا، وَلَا بَيْعِهَا، وَلَا يُورَثُ شَيْءٌ مِنْهَا، إِنَّمَا كَانَتْ لَهُمْ يَسْكُنُونَهَا وَرِبَاطُهُمْ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ قِتَالُهُمُ الْأَخِيرُ مَقْدَمَهَا مَنْوِيلَ الْخَطِّيِّ فَأَجَابَهُ أَهْلُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَغَلَّقُوهَا وَعَلَيْهَا سُورُهَا، فَحَلَفَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لَئِنْ أَظْفَرَهُ بِهَا لَيَهْدِمَنَّ بَقِيَّةَ سُورِهَا، حَتَّى تَكُونَ كَالْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ تُؤْتَى مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَقَاتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا فَأَظْفَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ، فَهَدَمَ عَمْرٌو سُورَهَا كُلَّهُ، قَالَ يَزِيدُ: وَكَانَ عُثْمَانُ قَدْ عَزَلَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ مِنْ مِصْرَ، وَجَعَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ، فَلَمَّا نَزَلَتِ الرُّومُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ سَأَلَ أَهْلُ مِصْرَ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنْ يُقِرَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ قِتَالِ الرُّومِ، فَإِنَّ لَهُ مَعْرِفَةً فِي الْحَرْبِ، وَهَيْبَةً فِي قُلُوبِ الْعَدُوِّ، فَفَعَلَ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَأَرَادَ عَمْرًا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْحَرْبِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ عَلَى الْخَرَاجِ فَقَالَ عَمْرٌو: «أَنَا إِذًا كَمَاسِكِ الْبَقَرَةِ بِقَرْنَيْهَا وَآخَرُ يَحْلِبُهَا» .
فَأَبَى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَوَلِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ مِصْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute