الممكن محتاج إلى موجد ومؤثر وحيث ثبت أن العالم ممكن، والممكن ما استوى طرفاه - الوجود والعدم- بالنسبة إلى ذاته، فوجوده ليس من ذاته، وعدمه بعد وجوده ليس من ذاته، إذن لا بد له من سبب يرجح وجوده على العدم، إذ لو وجد بدون سبب خارج عن ذاته وحقيقته للزم ترجيح أحد المتساويين على الآخر بلا مرجح، وهو باطل؛ ولو أوجد الممكن نفسه للزم من ذلك أن يكون متقدمًا على نفسه باعتباره خالقًا لها، ومتأخرا على نفسه باعتباره مخلوقًا لها، وتقدّم الشيء على نفسه، وتأخره عنها محال بالضرورة لما فيه من التناقض الواضح، فثبت أن الممكن لا بدّ له من مُوجد غير ذاته وحقيقته، يوجده ويدبر شئونه في كل أحواله، هذا المغاير: إما المستحيل، وإما الواجب، لا جائز أن يكون موجده هو المستحيل؛ لأن المستحيل غير موجود فلا يؤثر، ولأن فاقد الشيء لا يُعطيه. فثبت أن مُوجده هو الواجب، وهو الله- تعالى-.