ظنه به منكرو البعث، وسيقت لِإثبات قدرته على المعاد. كما يرشد إليه ما قبلها من الآيات، فهي دليل- أيضًا- على وجوب وجوده- تعالى- لاستناد ما ذكر في الآيات من المخلوقات إليه. وحدوثه بقدرته، ولا يعقل ذلك إلا إذا كان واجب الوجود.
فمن نظر إلى ما ترشد إليه هذه الآيات، ونحوها من سنن الله في العالم نظرًا ثاقبًا، وفكر في عجائب خلقها، وحسن تنسيقها، وشدة أسرِها تفكيرًا عميَقَا، وبحث في أحكامها، وبديع صنعها بحثًا بريئَا من الهوى، والحمية الجاهلية، وأنصف مناظره من نفسه، فلم يمنعه من فهم ما عرض عليه من الحق، والإذعان له كبر يرديه، ولا عناد يطغيه، اتضح له طريق الهدى.
واضطره ذلك أن يستيقن النتيجة، ويؤمن من أعماق قلبه، بأن للعالم ربّا خلَاقًا فاعلًا مختارًا حكيمًا في تقديره، وتدبيره أحاط بكل شيء علمًا، وهو على كل شيء قدير.
ومع قيام الدليل، ووضوح السبيل، تعامى فرعون موسى عن الحق، وتجاهل ما استيقنته نفسه، وأنكر بلسانه ما شهدت به الفطرة، ودل عليه العقل من وجود واجب الوجود، فأقام موسى عليه الحجة، بدلالة الأثر على المؤثر، والصنعة على الصانع، ووجود العالم، وعظم خلقه على وجود الخالق، وعظيم