للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كفعل المتكلمين في آيات الصفات، بل نحن أعذر. فإن اشتمال الكتب الإلهية على الصفات، والعلوم، وقيام الأفعال أعظم من نصوص المعاد للأبدان بكثير، فإذا ما ساغ لهم تأويلها، فكيف يحرم علينا نحن تأويل آيات المعاد!

وكذلك سطا قوم آخرون على تأويل آيات الأمر، والنهي، وقالوا: فعلنا فيها، كفعل أولئك في آيات الصفات مع كثرتها، وتنوعها، وآيات الأحكام لا تبلغ زيادة على خمسمائة آية. قالوا: وما يظن أنه معارض من العقليات لنصوص الصفات، فعندنا معارض عقلي لنصوص المعاد من جنسه، وأقوى منه.

وقال متأولو آيات الأحكام على خلاف حقائقها، وظواهرها، والذي سوغ لنا هذا التأويل القواعد التي اصطلحتموها لنا، وجعلتموها أصلًا نرجع إليه، فلما طردناها كان طردها أن الله ما تكلم بشيء قط، ولا يتكلم، ولا يأمر، ولا ينهى، ولا له صفة تقوم به، ولا يفعل شيئًا.

وطرد هذا الأصل لزوم تأويل آيات الأمر، والنهي، والوعد، والوعيد، والثواب، والعقاب، وقد ذكرنا في كتاب الصواعق أن تأويل آيات الصفات، وأخبارها بما يخرجها عن حقائقها هو أصل فساد الدنيا والدين، وزوال الممالك، وتسليط

<<  <   >  >>