وعند ذلك مر موسى بطَوْرٍ آخر من أطوار الخطر، ثم كتب الله أن ينتهي بهم التفكير في أمره إلى أن يتخذه فرعون ولدًا، وأن ينشأ في بيت ملك يتربًى فيه على العزة، وشدة البأس، وقوة العزم، والأخذ بالحزم، ولا يصاب بما أصيب به قومه من العذاب، والذّل، والهوان. وبذلك يصلح لحمل أعباء الرسالة، ومواجهة فرعون في جبروته وطغيانه (١) . ثم أولاه الله نعمة أخرى، فكتب عليه ألا يرضع إلا من أمه، حتى اضطر فرعون، ومن معه إلى أن يردّوه إلى أمه، وهم لا يشعرون، وبهذا التدبير الحكيم، واللطف الخفي، أنجز الله لأم موسى وعده، فرجع إليها ولدها لتكفله، ويتمتع بعطفها، وينعم بحنانها، وتقر به عيناها ولا تحزن، ولتعلم أن وعد الله حق.
٣ - هذه الحلقة الأولى من حياة موسى كلها عبِرٌ وآيات
منها: أن الله- سبحانه وتعالى- جعل نجاته مما أصاب غيره من أبناء قومه فيما يراه الناس دمارًا، وإلقاءً بالنفس إلى التهلكة.