(ومن تأمل خطب النبي صلى الله عليه وسلم وخطب أصحابه وجدها كفيلة ببيان الهدى والتوحيد، وذكر صفات الرب جل جلاله، وأصول الإيمان الكلية والدعوة إلى الله، وذكر آلائه تعالى التي تحببه إلى خلقه وأيامه التي تحذر من بأسه، والأمر بذكره وشكره الذي يحببهم إليه فيذكرون من عظمة الله وصفاته وأسمائه ما يحببه إلى خلقه، ويأمرون من طاعته وشكره وذكره ما يحببهم إليه فينصرف السامعون وقد أحبوه وأحبهم ثم طال العهد وخفي نور النبوة وصارت الشرائع والأوامر رسوما تقام من غير مراعاة حقائقها ومقاصدها)(١) .
رحم الله هذا العالم الجليل كأنه يرى بعينيه ويسمع بأذنيه ما عليه معظم خطباء هذا الزمان من الضجيج الإعلامي الفارغ، إذا سمع أحدهم خبرا في إذاعة مسموعة أو مرئية أو قرأ خبرا في صحيفة أو سمع قصة لا يدري ما مدى صحتها جعل من ذلك خطبة جمعة يرفع صوته ويمعر وجهه وينسج من الحبة قبة، فيخرج السامعون بقيل وقال ما له من حاصل إلا العناء وكلة الأذهان، ولقلة الفقه في الدين صار الناس يكثرون حول هذا الخطيب الذي جعل خطبة الجمعة محاضرة مليئة بالصراخ وصار