للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الروم» (١) والمراد من تعظمه الروم، وتقدمه للرياسة عليها (٢) .

فدل على عنايته صلى الله عليه وسلم بذوي المكانة والرياسة وتقديمهم في الدعوة والمخاطبة، ويشير ابن تيمية إلى نكتة في هذا الشأن فيقول: " وطالب الرئاسة - ولو بالباطل - ترضيه الكلمة التي فيها تعظيمه وإن كانت باطلا، وتغضبه الكلمة التي فيها ذمه وإن كانت حقّا " (٣) .

ومما يدل على عنايته صلى الله عليه وسلم بهذا الصنف من المدعوين أنه كان يجزل العطاء لبعض ضعفاء الإيمان ممن لهم المكانة في أقوامهم، ويعلل ذلك بقوله: «إنه رأس قومه، فأنا أتألفهم به» (٤) .

وهكذا فعل صلى الله عليه وسلم في حنين، وقد دانت له العرب فقد أجزل العطاء لبعض ذوي المكانة من الأشراف والسادة، فقد روى البخاري - رحمه الله - عن عبد الله بن مسعود قال: «لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم أناسًا في القسمة: فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسًا من أشراف العرب، فآثرهم يومئذ في القسمة» . . . " (٥) .

فآثر صلى الله عليه وسلم هؤلاء السادة بهذا العطاء ترغيبًا لهم ولأقوامهم في الإسلام، لما لهم من مكانة وسيادة تجعل أقوامهم تبعا لهم (٦) .


(١) البخاري، صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء (٦٨ ح ٤٢٧٨) ٤ / ١٦٥٧.

(٢) ابن حجر، فتح الباري ٩ / ٨٦.
(٣) ابن تيمية، مجموع فتاوى ١٠ / ٥٩٩.
(٤) انظر: ابن حجر: فتح الباري ١ / ١٤٤.
(٥) البخاري، صحيح البخاري، كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه (ك ٦١ ح ٢٩٨١) ٣ / ١١٤٨.
(٦) انظر: أحمد البنا، الفتح الرباني ٩ / ٦٢.

<<  <   >  >>