للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في هذه الفترة أن يربي عددًا من أصحابه ويكون منهم جماعة متميزة بعقيدتها وسلوكها وهدفها في الحياة، يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ويطهرهم من أخلاق الجاهلية وعاداتها بترسيخ الإيمان في نفوسهم تدريجيا كلما نزل شيء من القرآن قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: ٢] (١) وقال سبحانه: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [آل عمران: ١٦٤] (٢) وقد بينت كتب السيرة اهتمامه صلى الله عليه وسلم البليغ بتربية من استجاب للدعوة والعمل على تزكيتهم وتربيتهم على هدى الإسلام، لبناء قاعدة إسلامية صلبة للدولة المسلمة، وذلك عن طريق تعليمهم دينهم وتطبيق الإسلام في حياتهم، وتعميق معاني الإخوة فيما بينهم وحثهم على تحمل الأذى، والصبر في سبيل الدعوة (٣) يدل على ذلك ما رواه البخاري عن خباب بن الأرت قال: «شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال: " كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه. . .» الحديث (٤) فدل الحديث على عنايته


(١) سورة الجمعة، الآية: ٢.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٦٤.
(٣) انظر: محمد أبو الفتح البيانوني، المدخل إلى علم الدعوة ص٨٣.
(٤) البخاري، صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (ك ٦٥ح ٣٤١٦) ٣ / ١٣٢٢.

<<  <   >  >>