للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فموالاة الله بعبادته والبراءة من كل معبود سواه هو معنى لا إله إلا الله (١) قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ - إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ - وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: ٢٦ - ٢٨] (٢) . قال المفسرون: هي كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) لا يزال في ذريته من يعبد الله ويوحده، والمعنى جعل هذه الموالاة لله والبراءة من كل معبود سواه كلمة باقية في ذرية إبراهيم يتوارثها الأنبياء وأتباعهم (٣) ومنهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان يوالي ويعادي من أجل هذه الكلمة مهتديًا بقول الله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ} [المجادلة: ٢٢] (٤) فدلَّت الآية على أنَّه لا يوجد مؤمن يواد المحادين لله ورسوله ذلك أن نفس الإيمان ينافي موادته كما ينفي أحد الضدين الآخر، فإذا وجد الإيمان انتفي ضده، وهو موالاة أعداء الله، فإذا كان الرجل يوالي أعداء الله بقلبه كان ذلك دليلًا على أن قلبه ليس فيه الإيمان الواجب (٥) ومما يدل على هذا الولاء والبراء من سيرته العطرة عليه الصلاة والسلام هجرته من مكة - دار الشرك - إلى المدينة دار الإسلام، فقد كانت الهجرة واجبة عليه وعلى


(١) انظر: محمد بن عبد الله الجلعود، الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية ١ / ١٣٢.
(٢) سورة الزخرف، الآيات من ٢٦ إلى ٢٨.
(٣) انظر: الطبري، جامع البيان ١٣ / ٦٣، وانظر: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٦، وانظر: الشوكاني، فتح القدير ٤ / ٥٥٣.
(٤) سورة المجادلة، الآية: ٢٢.
(٥) انظر: ابن تيمية، مجموع الفتاوى ٧ / ١٧.

<<  <   >  >>