للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أجل هذه الحماية، بل من أجل الدفاع عن الحق وأهله أذن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بالقتال فقال سبحانه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: ٣٩] (١) أي بسبب كونهم مظلومين، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان مشركو مكة يؤذونهم أذى شديدًا، وكانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مضروب ومشجوج يتظلمون إليه، فيقول لهم: اصبروا، فإني لم أومر بالقتال، حتى هاجر فأنزلت هذه الآية، وهي أول آية أذن فيها بالقتال، فقد روى ابن جرير الطبري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم ليهلكن، فنزلت {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} [الحج: ٣٩] الآية. قال ابن عباس: فهي أول آية أنزلت في القتال» (٢) .

والمتأمل لسيرته صلى الله عليه وسلم يتبين له أنه صلى الله عليه وسلم قاتل المشركين لأنّهم أخرجوه من مكة، وآذوه واستولوا على أموال المسلمين، وقصدوا فتنتهم في دينهم، ولم يقاتل اليهود إلا لأنهم بدءوا بالعداوة للمسلمين، فكان هذا القتال حماية للدعوة من معارضيها المعاندين، والتقصير في هذه الحماية يعرض الدين للزوال (٣) .

من أجل ذلك قاتل صلى الله عليه وسلم المشركين في بدر، حيث خرجوا من مكة بطرًا ورياءً ومحادّة لله ورسوله كما أخبر الله عنهم في كتابه الكريم، وكما أخبر صلى الله عليه وسلم بذلك.


(١) سورة الحج، الآية: ٣٩.
(٢) الترمذي، جامع الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الحج، ح ٣١٧١، ٥ / ٣٠٤.
(٣) انظر: د. أحمد بن أحمد غلوش، الدعوة الإسلامية أصولها ووسائلها ص ٤٥.

<<  <   >  >>