للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا وإلا فقد جموا، وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره» (١) فهددهم صلى الله عليه وسلم بالمقاتلة إن لم يخلوا بينه وبين الناس ثم طلب من أصحابه البيعة على القتال حينما ارتهنت قريش عثمان رضي الله عنه، فلما علمت قريش بتلك البيعة سارعوا في إرسال عثمان وطلب المصالحة (٢) فصالحهم عليه الصلاة والسلام على شروط أملوها ظاهرها الشدة على المسلمين، وباطنها النصرة والعزة، حيث كانت تلك الشروط هي عين نصرته صلى الله عليه وسلم، وهي أكبر جند نصبه العدو لحربه من حيث لا يشعر فكانت عاقبتهم الذلة والقهر وعاقبته صلى الله عليه وسلم النصر والعزة (٣) يدل على ذلك نزول صدر سورة الفتح في أعقاب تلك المصالحة، وهي قوله عز وجل: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: ١] (٤) يقول ابن كثير: " المراد به صلح الحديبية " (٥) فكان في هذا الصلح إلزام المشركين بعدم التعرض للدعوة وأهلها، فكان في ذلك النصر المبين، يدل على ذلك ما رواه البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: «تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتحًا، ونحن نعد الفتح بيعة


(١) المرجع السابق (ك ٥٨ ح ٢٥٨١) ٢ / ٩٧٥.
(٢) انظر: ابن حجر، فتح الباري ٥ / ٦٩٥.
(٣) انظر: ابن قيم الجوزية، زاد المعاد ٣ / ٣١٠.
(٤) سورة الفتح، الآية: ١.
(٥) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم ٣ / ١٨٣.

<<  <   >  >>