للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد حث صلى الله عليه وسلم على التعرف على المدعوين بفعله، فقد كان يبدأ مدعويه بالتعرف عليهم قبل دعوتهم، فلنتأمل ما ترويه لنا كتب السيرة حيال ذلك. يذكر ابن إسحاق أنه صلى الله عليه وسلم في رحلته إلى الطائف، وحينما ألجأته ثقيف إلى حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة التقى غلاما لهما اسمه " عدَّاس " فماذا دار بينهما من حوار (١) ؟

يقول ابن إسحاق: " فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن أي أهل البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟ قال: نصراني، وأنا رجل من أهل نينوى (٢) .

فبدأه صلى الله عليه وسلم بالتعرف على بلاده وديانته، فكان هذا التعرف نقطة البداية في تحول هذا الرجل من دينه إلى دين الإسلام (٣) .

وحينما عاد صلى الله عليه وسلم إلى مكة، وأمره الله بعرض نفسه على القبائل، كان يأخذ معه نسابة قريش أبا بكر الصديق (٤) رضي الله عنه ليقوم بمهمة تعريفه بالمدعوين، فالتقيا وفدًا فسألهم أبو بكر: من القوم؟ قالوا: من ربيعة (٥) فتعرفا عليهم أولا ثم عرض عليهم إيواء النبي صلى الله عليه وسلم ثانيا، ومما يدل على بداءته صلى الله عليه وسلم بالتعرف ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس بالموقف فيقول: " ألا رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي "، قال: فأتاه رجل من بني همدان، فقال:


(١) انظر: ابن هشام، السيرة النبوية ٢ / ٤٨، ٤٩.
(٢) ابن هشام، السيرة النبوية ٢ / ٤٩.
(٣) انظر: المرجع السابق ٢ / ٤٩.
(٤) انظر: ابن كثير، السيرة النبوية ١ / ٤٣٧.
(٥) انظر: ابن حجر، فتح الباري ٧ / ٦٢٤.

<<  <   >  >>