للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام، الحنيفية ملة أبيك إبراهيم " (١) .

فتعرف عليه صلى الله عليه وسلم قبل أن يعرض عليه الإسلام، فلما عرفه دعاه إلى الإسلام.

هذه الشواهد بينت مدى حرصه صلى الله عليه وسلم على التعرف على من يدعوهم قبل أن يعرض الدعوة عليهم، فما الحكمة يا ترى من هذا التعرف؟

المدعو هو الإنسان في قديم الزمان وحديثه، ولكل إنسان بلا شك خصائصه وطبيعته وتقاليده، فالمدعوون ليسوا سواء في ملكاتهم العقلية، واستعدادتهم الفطرية، ولا في أخلاقهم وطباعهم وتصوراتهم، ولا في مكاناتهم الاجتماعية (٢) .

فمن الحكمة في التعرف على المدعوين إنزالهم منازلهم، وقد أشار ابن حجر إلى هذه الحكمة بقوله: " قال ابن أبي جمرة: في قوله: " من القوم؟ " دليل على سؤال القاصد عن نفسه، ليعرف فينزل منزلته " (٣) .

ومن الحكمة في التعرف على المدعوين تطييب نفوسهم، وإزالة الوحشة عنها، وذلك بالترحيب بهم، وملاطفتهم، والثناء عليهم في وجوههم، إذا أمنت الفتنة (٤) ويدل على هذه الحكمة «قوله صلى الله عليه وسلم لوفد عبد القيس: " مرحبًا بالقوم غير خزايا ولا ندامى» (٥) . قال صاحب الفتح الرباني: " قال ابن أبي جمرة بشرهم بالخير عاجلًا وآجلًا، لأن الندامة إنما


(١) أحمد البنا، الفتح الرباني ٢١ / ١٩٩.
(٢) انظر: التهامي نقرة، سيكلوجية القصة في القرآن ١ / ٤٢٢.
(٣) ابن حجر، فتح الباري ١ / ٧٩.
(٤) انظر: المرجع السابق ١ / ١٧٩.
(٥) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب أداء الخمس من الإيمان (ك ٢ ح ٥٣) ١ / ٢٩.

<<  <   >  >>