للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المتعددة الكثيرة، ناسب أن أتحدث عن بناء المسجد في الطريق.

والطرق في عصرنا هذا من جهة الخطورة الناتجة عن السير فيها نوعان: -

النوع الأول: طرق سريعة خاصة بالسيارات، لا يسمح للمشاة تجاوزها، لشدة سرعة السيارات فيها، فهذه - وإن كانت فسيحة - إلا أن بناء المساجد فيها وفي الجزر التي في وسطها، لا ينبغي لما فيه من الخطورة العظيمة الناتجة عن تجاوز المصلين إلى المسجد، ولما فيه من الإزعاج بسبب أصوات السيارات؛ وربما أوقف بعض الناس سياراتهم للصلاة في الطريق، فيحصل بسبب وقوفهم خطر، لكن لو بني المسجد في فسحة على أحد جانبي الطريق وعمل نفق يوصل من الجانب الثاني إليه بأمان وطمأنينة، فهذا أمر طيب ومرغوب فيه.

النوع الثاني: طرق للسيارات أو للمشاة داخلية، يحصل الخطر فيها بسبب من يتلاعب بقيادة السيارات أو الدراجات، ويحصل أذى للمسلمين، بسبب استغلال الطريق، وهو ضيق. فبناء المسجد فيه لا يجوز؟ لأنه حق مشاع للاستطراق، فلا يوضع فيه ما يعرقله.

ودليل هذا: عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والجلوس بالطرقات. قالوا: يا رسول الله: ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه ". قالوا: وما حقه؟ قال: " غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر» . رواه مسلم (١) .


(١) صحيح مسلم (٤ / ١٧٠٤) رقم ٢١٢١، وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم (٤ / ٨٣٢) .

<<  <   >  >>