للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الشاهد: قوله: «إياكم والجلوس في الطرقات - إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه - غض البصر وكف الأذى» . . . إلخ ".

وجه الدلالة:

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الجلوس بالطرقات، وأمر من كان لا بد جالسا أن يكف أذاه، وبناء المسجد في الطريق الضيق أذى؛ لأن أهل الطريق يتضررون، فلا يحل أذاهم بنص الحديث؛ ولأن الطريق حق مشاع لجميع المسلمين، فلا يحل أذاهم باقتطاع جزء منه وهم كارهون.

وأما إذا لم يكن ثمة أذى، بأن كان أهل الطريق لا يتضررون من بناء المسجد فيه، بل ربما استفادوا منه، فحينئذ بناء المسجد في الطريق جائز. ودليل هذا: -

قال البخاري - رحمه الله تعالى -: " باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس ". ثم ساق بسنده عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرفي النهار بكرة وعشية، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه، وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين» . رواه البخاري (١) .


(١) البخاري ك الصلاة ب٨٦ المسجد يكون في الطريق رقم ٤٧٦، وانظر: فتح الباري (١ / ٥٦٣) .

<<  <   >  >>