للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢ - عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من بنى لله مسجدا صغيرا كان أو كبيرا بنى الله له بيتا في الجنة» . رواه الترمذي، وهو حديث حسن (١) .

٣ - عن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من بنى لله مسجدا ولو مفحص» (٢) «قطاة بنى الله له بيتا في الجنة» . وفي رواية: «ولو كمفحص قطاة» . رواه ابن أبي شيبة، وروي عن ابن عباس وعائشة مثله (٣) .

وهذه الأحاديث متقاربة في لفظها، متحدة في دلالتها، إذ تدل على أن الجزاء أوفى من العمل عند الله تعالى، فباني المسجد في الدنيا يبني الله له به بيتا في الجنة، لا يخرب، ولا يفنى.

وقد وردت أحاديث، في أسانيدها للعلماء مقال، لكنها في جملتها تتحد مع دلالة هذه الأحاديث في بيان الفضل العظيم من الله تعالى، لمن بنى المسجد خالصا لله تعالى بنية التقرب إليه - عز وجل (٤) .

وأما قوله «ولو كمفحص قطاة» فقيل: إنه للمبالغة، وقيل: إنه على الحقيقة؛ وذلك أن الله سبحانه يجزي من ساهم ببناء المسجد، ولو كان مقدار سهمه قليلا كمفحص قطاة، فإن الله لا يضيع أجره (٥) .

قلت: وهذا الصواب - إن شاء الله -، وما كان هذا الفضل من الله


(١) الترمذي رقم ٣١٩، تحفة الأحوذي (٢ / ٢٦٦) ، وانظر: الفتاوى لابن تيمية (٢٩ / ١٩) .
(٢) مفحص القطاة: هو الموضع الذي تفحص التراب عنه: أي تكشفه وتنحيه لتبيض فيه. / انظر: مختار الصحاح ص٤٩٢، وأساس البلاغة ص٧٠١.
(٣) المصنف لابن أبي شيبة (١ / ٣١٠) ، ورواه أحمد والبزار والطبراني وابن حبان. قاله في كشف الخفاء (٢ / ٢٣٨) وإسناده حسن.
(٤) انظر: السنن والمبتدعات لمحمد خضر (ص٣٩) .
(٥) انظر: نيل الأوطار للشوكاني (٢ / ٢٥٦) .

<<  <   >  >>