للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآخرة، واستغرقوا أعمارهم في الشهوات النفسانية " (١) .

وقد وردت مادة (ترف) في القرآن الكريم ثماني مرات، وكلها جاءت في سياق الذم للترف والمترفين، كقوله تعالى معللا تعذيب أصحاب الشمال {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ} [الواقعة: ٤٥] (٢) . قال الشيخ عبد الرحمن السعدي (ت ١٣٧٦ هـ) في تفسير الآية: " أي قد ألهتهم دنياهم وعملوا لها وتنعموا، وتمتعوا بها، فألهاهم الأمل عن إحسان العمل، فهذا هو الترف الذي ذمهم الله عليه " (٣) .

ومن يتأمل في واقع الترف وأهله يلحظ أنه يجيء تالياً ونتيجة للسرف والتبذير، وكفى بهما ضرراً وشراً.

[الاقتصاد]

(٤) أما الاقتصاد: فمصدر اقتصد.

قال في تاج العروس: " القصد في الشيء: ضد الإفراط وهو ما بين الإسراف والتقتير، والقصد في المعيشة: ألا يسرف ولا يقتر، وقصد في الأمر: لم يتجاوز فيه الحد ورضي بالتوسط "؛ لأنه في ذلك يقصد الأسدّ كالاقتصاد، يقال: فلان مقتصد في المعيشة وفي النفقة وقد اقتصد، واقتصد في أمره: استقام. . . واقتصد في النفقة: توسط بين التقتير والإسراف، قال صلى الله عليه وسلم: «ولا عال من اقتصد» (٤) ومن الاقتصاد ما هو محمود مطلقا، وذلك فيما له طرفان: إفراط وتفريط، كالجود فإنه بين الإسراف والبخل، وكالشجاعة فإنها بين التهور والجبن، وإليه الإشارة بقوله تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: ٦٧] (٥) .


(١) فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني ٢ / ٥٣٤، الطبعة الثالثة.
(٢) الواقعة: ٤٥.
(٣) تيسير الكريم الرحمن ص ٧٧٤، مؤسسة الرسالة ١٤١٧هـ.
(٤) سبق تخريجه في التمهيد: ص ٨.
(٥) الفرقان: ٦٧.

<<  <   >  >>