ويدخل في هذه الجزيرة قطعة من بلاد الشام، منها: تدمر، وتيماء، وتَبُوك.
واعلم أن اليمن كان هو منازل العرب العاربة من عاد، وثمود، وطَسم، وجديس، وأُميم، وجُرهم، وحضرموت، ومَن في معناهم، ثم انتقلت ثمود منهم إلى الحِجْر من أرض الشام، فكانوا به حتى هلكوا، كما ورد به القرآن الكريم.
وهلكت بقايا العاربة باليمن من عاد وغيرهم، وخلفهم فيه بنو قحطان من عابر، فعرفوا بعرب اليمن إلى الآن، وبقوا فيه إلى أن خرج منهم عمرو مزيقياء عند توقّع سيل العَرم، وكانت أرض الحجاز منازل بني عدنان إلى أن غزاهم بُخْتنصر، ونقل من نقل منهم إلى الأنبار من بلاد العراق. ولم تزل العرب بعد ذلك كله في التنقل عن جزيرة العرب والانتشار في الأقطار إلى أن كان الفتح الإسلامي، فتوغلوا في البلاد حتى وصلوا إلى بلاد الترك وما داناها، ونزلت منهم طائفة بالجزيرة الفراتية وصاروا إلى أقصى المغرب وجزيرة الأندلس وبلاد السودان، وبلغوا الآفاق وعمروا الأقطار، وصار بعض عرب اليمن إلى الحجاز فأقاموا به، وربما صار بعض عرب الحجاز إلى اليمن فأقاموا به، وبقى من بقى منهم بالحجاز واليمن على ذلك إلى الآن، ومن تفرق منهم بالأقطار منتشرون في الآفاق قد ملأوا ما بين الخافقين.