للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَسقون مَن وَرد البَريص عليهمُ ... راحاً تُصَفَّقُ بالرَّحيق السَّلسل

بيضُ الوجوه كريمة أحسابهم ... شُم الأنوف من الطَراز الأول

يُغشَون حتى ما تَهر كلابهم ... لا يسألون عن السَّواد المُقبل

فطرب ثم قال: أتعرف لمن هذا الشعر؟ قلت: لا، قال: لحسان بن ثابت، فينا وفي ملكنا. ثم قال للجواري: ابكينني. فوضعن عيدانهن ونكسن رؤوسهن وغنّين:

تنصَّرت الأشراف من عار لَطمة ... وما كان فيها لو صبرتُ لها ضَررْ

تكنّفني منها لَجاج ونَخوة ... وبِعت لها العَين الصحيحة بالعور

فيا ليت أُمِّي لم تلدني وليتني ... رجعتُ إلى القول الذي قاله عمر

ويا ليتني أَرعى المَخاض بقَفْرة ... وكنتُ أسيراً في ربيعة أو مُضر

أَدين بما دانوا به من شَريعة ... وقد يصْبر العَوْد الكبير على الدَّبر

وانصرف الجواري فوضع وجهه على كمه وبكى حتى نظرت موعه على خديه كأنها اللؤلؤ الرطب وبكيت معه رحمة له، فقال: يا جارية، هاتي خمسمائة دينار هرقلية. فأتت بها. فقال: خذ هذه صلة لك. فقلت: لا أقبل صلة رجل ارتد عن الإسلام. فقال: اقر على عمر مني السلام. فلما تقدمت على عمر ذكرت ذلك له، فقال: قاتله الله! باع باقياً بفانٍ.

قال في مسالك الأبصار: وبالبلقاء طائفة من غسان. وباليرموك منهم الجم الغفير، وبحمص منهم جماعة.

<<  <   >  >>