أخي: إنه (الموت! ) كم قرَّح من قلوب .. وكم أوقع من كروب .. أبشع من أن يوصف! وأشد من أن يعرف! سره مطوي من الخلائق .. لا يعلمه إلا كاشف الضُّر والبوائق .. تبارك وتعالى وتنزَّه من خالق ..
أخي: كأس الموت أمرُّ من الحنظل! لا يعرف طعمها إلا من ذاقها! وأنَّى لمن ذاقها أن يصفها على حقيقتها؟ !
* لما نزل الموت بعمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال له ابنه: يا أبتِ قد كنتَ تقولُ: إني لأعجب من رجل ينزل به الموت ومعه عقله ولسانه كيف لا يصفه؟ !
فقال: يا بُني الموت أعظم من أن يوصف! ولكن سأصف لك منه شيئًا: والله لكأنَّ على كتفي جبال رضوى وتهامة!
وكأني أتنفس من سم إبرة! ولكأن في جوفي شوكة عوسج!
ولكأن السماء أطبقت على الأرض وأنا بينهما!
أخي: يا حر قلب علم أن له يومًا يتجرع فيه مرارة تلك الكأس! أخي ألا قلت معي بقلب صادق: اللهم هوِّن علينا سكرات الموت يوم تُطْوَى صَحَائفنا! وتنقضي أيامُنا! برحمتك يا راحم المستعيذين بك .. وواهب المخطئين لعفوكَ ..
أخي: ألا أنبه ما بك من الغفلة؟ ! ألا أدخل الفزع في قلبك؟ !