ومنها: أن الغرض الحامل عليه أضعف من الحامل على التدليس، لأن الشخص قد يستنكف عن إدخال واسطة بينه وبين شيخ قد لقيه وسمع منه، لأن ذلك يوهم تقصيره بخلاف من لم يلقه.
ومنها: أن الشخص يرغب في التدليس، لأنه أروج لدلسته من الإرسال الخفي.
ومنها: أنه لا يأمن الإنكار في الإرسال الخفي، فإنه قد يكون هناك من يعلم عدم اللقاء فيبادر بالإنكار عليه [ص ١٢٧]، بخلاف التدليس، فإنه لا يُنْكَر عليه الرواية عن شيخ قد لقيه وسمع منه.
(٢) أما المدلسون فقد تكفَّل الأئمة ببيانهم، بخلاف الإرسال الخفي، فلم يبينوا أهله على جهة الاستقصاء، وهذا يدل أنهم كانوا يرون الخطر في التدليس، ولا يرون في الإرسال الخفي خطرًا.
وهذا إنما يتمشَّى على أنهم كانوا يشترطون اللقاء في قبول المعنعن، فمتى فُقِد اللقاء، فالعنعنة غير مقبولة لفقده، سواء أكان الراوي ممن يرسل الإرسال الخفي أم لا.
ومتى ثبت اللقاء فالعنعنة مقبولة، إلا إن كانت من مدلِّس، فلهذا اهتموا ببيان المدلسين، بخلاف الإرسال الخفي.
(١) هذه مغالطة، فقد قدمنا بيان دلالة الرواية على السماع، وقدمنا نقل مسلم لإجماع السلف على حملها على السماع إذا ثبتت المعاصرة فقط، وبسطنا ذلك أحسن بسطٍ، وأما هذه الشبهة فلنا جوابان عنها: