نقل مسلم رحمه الله في مقدمة "صحيحه": إجماع السلف من أئمة الحديث على الاكتفاء بالمعاصرة في تصحيح المعنعن من غير المدلِّس، ما لم يقم دليل على نفي اللقاء، وشنَّع على من اشترط ثبوت اللقاء من أهل عصره.
ثم جاء المتأخرون فقالوا: إن الاشتراط قول المحققين، وذكروا منهم البخاري وشيخه ابن المديني.
[ص ١١٧] ولا يخفى أن هذا لا ينافي سَبْق الإجماع لهما، ومجرَّدُ حُسْن الظن بهما أنهما لا يخرقان الإجماع، ولعلهما اطلعا (١) أنه لم يزل في طبقات السلف من يشترط اللقاء= لا يُغني شيئًا.
فلو ناظر مسلمٌ البخاريَّ، فقال: أنت وشيخك مسبوقان بالإجماع، لم يفده إلا أن يصرِّح بالنقل عن بعض السلف من جميع الطبقات في موافقة قوله؛ فأما مجرد إنكار الإجماع فلا يفيد، إذ الإجماع من الأمور التي لا يطالب مدّعيها بدليل.
أما لو قال البخاري: إنه يلزمك وغيرك حسن الظن بنا، لكان قد أتى بما يُضْحَك منه.