للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

متفاوتة بارتفاع الأبنية على العرصات، وارتفاع بعض الأبنية على بعض، وإنما تتساوى إذا خَرِبت الخراب البالغ.

والإنصاف أن التسوية إذا أُطلقت كان المراد بها تسوية الشيء في نفسه، ولا تُحْمل على التسوية بالأرض إلا بقرينة.

وعليه، فالظاهر حمل التسوية في الحديث على التسوية بالأرض للقرينة، وهي قوله: "أخِفُّوا عنه"، أو "خَفِّفوا"، كما تقدم.

[ص ٥٠] وكذا يقال في حديث علي رضي الله عنه: إن جَعْل التسوية منافية للإشراف قرينة تدل أن المراد التسوية بالأرض، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وقد مرَّ (١) عن "كنز العمال" (٢): "سوّوا القبور على وجه الأرض إذا دفنتم" (٣). فإن صحَّ فهو صريحٌ في التسوية بالأرض، إذ لا يصح أن يقال: إن قوله: "سووا القبور" أمرٌ بتسويتها في ذاتها، و"على وجه الأرض" حال، إذ لا معنى للحال، فالقبور على وجه الأرض على كلِّ حال.

فيحتمل أن يكون المراد: تسوية القبور بالنظر إلى جميعها، أو تسوية كل قبر في حد ذاته.

فعلى الأول يكون المراد بأن تُجْعَل متساوية، أي: بأن تكون كلها على


(١) كذا قال المصنف، والذي مرّ (ص ٣٧) أثر عثمان "أنه كان يأمر بتسوية القبور".
(٢) رقم (٤٢٣٨٧). وانظر "المبيَّضة" (ص ٢٠).
(٣) كتب المصنف عقبه: "طب عن فضاله بن عبيد، ولا أدري ما صحته" ثم ضرب عليها. والأثر أخرجه الطبراني في "الكبير": (١٨/رقم ٨١٢).

<<  <   >  >>