كتاب ديوان لبيد بن ربيعة العامري

حرف الميم - عفت الديار (المعلقة) - ص: 115

تَرْقَى وَتَطَعْنُ في العِنَانِ وتَنْتَحي ... وِرْدَ الحمَامة إذ أجَدَّ حَمَامُها (١)

وكثيرةٍ غُرَباؤهَا مَجْهُولَةٍ ... تُرْجَى نوافِلُها ويُخْشَى ذَامُها (٢)

غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالذُّحُولِ كأنَّهَا ... جِنُّ البَديِّ رواسياً أقدَامُها (٣)

أنكرتُ باطلَها وَبُؤْتُ بحقِّها ... [عندي]، ولم يَفْخَرْ عليَّ كرامُها (٤)

وَجزَورِ أيْسَارٍ دَعَوْتُ لحتفِها ... بِمَغَالِقٍ مُتَشَابهٍ أجسامُها (٥)

أدعُو بهنَّ لعاقِرِ أوْ مُطْفِلٍ ... بُذِلَتْ لجيرانِ الجميعِ لِحَامُها (٦)

فالضَّيفُ والجارُ الجنيبُ كأنّما ... هَبَطَا تبالَة َ مُخْصِباً أهْضَامُها (٧)

تأوِي إلى الأطْنابِ كلُّ رذيَّةٍ ... مِثْلُ البَلِيّةِ قَالصٌ أهدَامُها (٨)

ويُكَلَّلُونَ إذا الرياحُ تَنَاوَحَتْ ... خُلُجاً تُمَدُّ شَوارعاً أيْتَامُها (٩)

---

(١) ترقى: أي ترفع رأسها وتصعد. تطعن في العنان: أي تعتمد فيه. تنتحي: أي تقصد. الحمامة: أراد القطاة. أجدّ حمامها: أي جدّ في الطيران إلى المورود.
(٢) الذام: العيب أو الأمر المشين المخزي.
(٣) تشذّر: أي تتهدّد وتتوعّد. بالذحول: أي بالثارات والأحقاد. رواسيا: أي ثوابتا.
(٤) بؤت بحقها: أي انصرفت به. وما بين قوسين يروى بلفظ: [يوماً].
(٥) الأيسار: هم الذين يضربون على الجزور بالقداح. المغالق: هي القاح التي تغلق الرهن.
(٦) لعاقر: أي لناقة عاقر. اللحام: جمع: لحم.
(٧) الجنيب: أي الغريب. هبطا تبالة: وهي بلدة تقع إلى جوار الطائف. الأهضام: جمع: هضم، وهي بطون الأودية.
(٨) الرذية: المرأة المهزولة. البليّة: الناقة التي تشد عند قبر صاحبها. قالص: أي مرتفع. أهدام: جمع: هدم: وهي الخلقات.
(٩) يكلّلون: أي ينضدون اللحم. تناوحت: أي تقابلت. خلج: جفان كالخلجان في سعتها. تمدّ: أي يزاد فيها.