إنما الزاد لمن يبذله ... فإذا ما نلت خيراً فأنل
إنما حظك منه ذكره ... لا تقولن عسى لا ولعل
ومن شعراء يأم عاصم بن الأسفع، والشرقي بن عمرو.
وكانت يأم تدعي في الجاهلية قتلة جبانها وفي الإسلام يأم القرى. وكان فيهم جبان في الجاهلية يقال له أنيب، فحلفوا ألا يولد له ولد فيهم أبداً، وحلفوا على قتله. فقال لهم رجل منهم: ويحكم، أخصوه ولا تقتلوه، فإنه لا يولد له إذا كان خصياً، فلا تحنثون في أيمانكم. فشاع ذلك في همدان، فكرهت أن تذهب يأم بهذا الذكر دونهم، فقالوا لهم: خذوا من كل قبيلة سهماً فارموه بجميع السهام، وإلا حلنا بينكم وبينه. فأجابوهم إلى ذلك، فبعث إليهم من كل قبيلة بسهم، ثم صيروه هدفاً وجعلوا يرمونه ويقولون:
لله سهم ما نبا عن أنيب ... حتى يوارى نصله في منشب
ومر فتى من أهل الكوفة بالحجّاج وهو يعرض الجند، فأعجبه فقال: ممن أنت يا فتى؟ قال: أنا من قوم لم يكن فيهم جبان. قال الحجاج: أنت إذن من يأم. قال: أنا منهم انقضى نسب يأم.
[نسب وادعة]
وأولد نشاج بن دافع عامراً وسابقة الكبرى، فولد عامر عمراً، فولد عمرو وادعة. وكانت وادعة تسمى في الجاهلية عصارة المسك وتسمى مرهبة الدعام مرهبة الدوسر وتفسير الدوسر: أن الجيش إذا بلغ اثني عشر ألفاً سمي الدوسر، فإذا قاد الرجل هذا المقدار سمي قائد الدوسر. وقال بعضهم إذا بلغ فيه ألف فارس سمي الدوسر، والأول أعم، وتسمى أرحب أرحب الكرام وأحلاس الخيل، ثم جرى على همدان كلها فقيل همدان أحلاس الخيل. وتقول العرب: لا يتفرس إنسان بعد أربعين سنة فيفرس إلا أن يكون همدانياً، لجبلتهم على الفروسة. وكذلك رأيناه. وتسمى دالان فتيان الصباح وشاكر شاكر القرى وشاكر الجوار قال الراجز:
حياكم الله وحيا شاكراً ... قوما يغدّون الدخيل باكرا
ويؤثرون الضيف والمجاورا
آل معمر بن الحارث الوادعي فولد وادعة عبد ود بن وادعة وناشج بن وادعة. فولد عبد ودّ بن وادعة سعد بن عبد ود بن وادعة وحرب بن عبد ود وربيعة بن عبد ود وأمهم أم عشب ابنة عدي بن ثعلبة بن كنانة بن بارق وهو سعد بن عدي بن حارثة بن عمرو مزيقياء، وهذه الولادة هي التي جرّت غباة وادعة إلى قولهم: نحن من الأزد من ولد عمرو بن عامر ماء السماء فولد سعد بن عبد ود الحارث بن سعد، فولد الحارث بن سعد معمر بن الحارث بضم الميم الأولى وكسر الميم الأخرى، وليس هذا الإسم إلا في همدان. وفي العرب معمر بفتح الميم ومرّ بن الحارث وعمرو بن الحارث وعلة زنة عمرو بن الحارث بطن، وهم العلهيون، حلال شاكر بجدرة وحرب بن الحارث وأمهم من بني كاهل بن عذرة.
فولد حرب بن الحارث قسراً بطناً، منهم عمرو بن الحارث بن عبد عمرو بن عبد يغوث بن قسر أخذ الراية يوم صفين. وولد معمر بن الحارث حريم بن معمر وسلمان بن معمر ومطرف بن معمر والعريف بن معمر وسعد بن معمر خمسة نفر. فمن بني سلمان بن معمر الأجدع بن مالك بن أمية بن جعفر بن سلمان بن معمر فارس همدان وشاعرها في عصره، وكانت تحته كبشة بنت معدي كرب الزبيدي ولها يقول الأجدع:
ألا أبلغ فتاة بني زبيد ... كبيشة والحديث له نماء
مغلغلة وجهر القول مما ... يوكل في الخطوب له البلاء
ولها يقول صهره عمرو بن معدي كرب فيما فعل به بنو الأصيد من سفيان بن أرحب:
لعمرك لولا أجدع الخير فاعلمي ... لقدت إلى همدان جيشاً عرمرماً
لقدت إلى همدان ألف طمرّة ... وألف طمر من كميت وأدهما
ووفد الأجدع على عمر فسماه عبد الرحمن وقال: الأجدع شيطان وابنه مسروق بن الأجدع الفقيه وكان شريفاً، ومحمد بن المنتشر بن الأجدع كان من أشراف أهل الكوفة ويكنى أبا القاسم، وهو القائل لإبراهيم بن مالك الأشتر النخعيّ:
إذا أنت لم تكرم سراة عشيرتي ... فما للذي بيني وبينك واصل
تراني مع العادي عليك إذا عدا ... بلا منة إن لم تغلني الغوائل
كأنك يوم الراسبيّ نعامة ... شآها مع الرأل النعام الجوافل
شآها: سبقها. ويروى نساها، نسا في نُسي في لغة من يقول غزا ورمى. ويروى نساها وهي أصوب الروايتين أي زجّاها ودفعها، قال الشاعر: