للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أن يراقب قلبه، ويعلم أن الله مطلع عليه ينظر إلى باعثه وصارفه هل هو الدين أو الهوى؟ [وستجد كل نفس ما عملت من خير أو شر محضرًا وما الله بظلام للعبيد]، انتهى ملخصًا.

قلت: ولعمري إنما تستثنى هذه الصور الأربع في حق من هو مثلنا ضعيف الإيمان والتوكل قوي التوهم كثير التعلل، وإلا فمن علم أن الله بيده كل حركة وسكون، وإنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، وأن قلوب الخلق بين إصبعين من أصابع قدرته، يقلبها كيف يشاء إقبالًا وإدبارًا، وأن أحدًا لا يملك نفعًا ولا ضرًا، وأن الله تعالى قدر في الأزل أن ما أصاب المرء لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، لم يبال باحتمال نصب في الله ولا باشتمال مصيبة، وأغمض عينية عن ملاحظة غير الله من المخلوقات، وغاب بشهود وحدة تصريفه عن تجويز وجود الممكنات وتشعب صور المحتملات، وما يلقيه الشيطان عنده من الوساوس والخيالات، وفتح عين بصيرته في النظر إلى تقدير الحركات أزلًا والسكنات فأشرق من نور إيمانه ما أزاح ظلم التقديرات وطمس وجوه التصويرات فأقبل بالهمة الإبراهيمية على أصنام العلل الوهمية فجعلها جذاذًا كلها وتحمل من مشاق نفسه في الله كلها، فعادت نار كيدها عليه بردًا وسلامًا، وسكن من التسليم دارًا حسنت مستقرًا ومقامًا، وكان بأبيه إبراهيم في ذلك مؤتمًا وللمتقين إمامًا، فزاده الله بذلك إلى إيمانه إيمانًا، وقلب قلوب الخلق له إرغامًا لها وإذعانًا، فحمد عند صباح السلامة مسراه/ أولًا وأخرًا، ونصر دين الله فكان له وليًا وناصرًا، وأرضى الله فأرضى عنه الناس ولقي الخير وكان من البأس المتوقع اليأس.

- وفي صحيح ابن حبان عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه

-

<<  <   >  >>