عند الله يوم القيامة، وأن العلماء الفجرة هم الأخسرون إذا ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، وأن حجتهم داحضة عن ربهم لما وهبهم من علمه نعمته منه عليهم فكفروا نعمته وخالفوا أمره.
ولا يخفى عن ذي لب أن ملكًا من الملوك لو أرسل كتابة بأمر من الأمور إلى عبد من عبيده لا يعرف الكتابة وليس عنده من يعرفه بما فيه فخالف أمره لا يكون ذنبه عنده كمن أمكنه أن يقرأ أو يسأل من يقرأه، ليعرف ما فيه، فيمتثله، فترك ذلك وخالف ما فيه جاهلًا به، ولا يكون جزم هذا كجرم من قرأه وفهمه وكرر قراءته غير مرة ثم خالف ما أمره به سيده ومولاه، وعمل بعكسه، لا جرم كان هذا العبد عنده أحق العبيد بأليم عذابه، وأولاهم بعظيم سخطه، وأقربهم إلى إبعاده وطرده.
ولهذا جعل الله المنافقين في الدرك الأسف من النار لأنهم جحدوا بعد العلم، وجعل الله اليهود شر من النصارى وخصهم بغضبه مع أنهم ما جعلوا لله ولدًا ولا قالوا: إنه ثالث ثلاثة، / ولكن أنكروا محمدًا صلى الله عليه وسلم بعد المعرفة به وعلمهم بنبوته، إذا قال تعالى {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ}[سورة البقرة: ١٤٦].
فالعلماء السوء أصل فساد الوجود، وسبب ضلال الخلق، والقاطعون طريق السلوك إلى الحق.
وفي أخبار داود –عليه السلام- أن الله تعالى أوحى إليه: يا داود: إن أدنى ما أصنع بالعالم إذا آثر شهوته على محبتي أن أحرمه لذيذ مناجاتي، يا داود: لا تسأل عني عالمًا أسكرته الدنيا فيصدك عن طريق محبتي أولئك قطاع الطريق على عبادي).
وحكى الأوزاعي عن بلال بن سعد أنه كان يقول:
ينظر أحدكم إلى الشرطي فيستعيذ بالله منه، وينظر إلى علماء الدنيا المتصنعين للخلق، المتشوفين إلى الرئاسة، فلا يمقته، هذا أحق بالمقت من ذلك الشرطي.