قال: فكيف سمعت، قال: من زهد في الدنيا ورغب في الآخرة، وأحب المساكين وقدم لآخرته، ، كانت له عند الله المنزلة أكثر قال حاتم: فأنت بمن اقتديت؟ بالنبي وأصحابه الصالحين، أم بفرعون ونمرود أول من بني بالجص والآجر، يا علماء السوء مثلكم يراه الجاهل الطالب للدنيا الراغب فيها، فيقول العالم على هذه الحالة، أفلا أكون أنا أشر منه، وخرج من عنده فازداد ابن مقاتل مرضًا، فبلغ أهل الري ما جرى بينه وبين ابن مقاتل وقالوا له: يا أبا عبد الرحمن: بقزوين أكثر شيء من هذا وأشاروا به إلى الطنافسي، قال: فصار إليه متعمدًا فدخل عليه فقال: رحمك الله أنا رجل أعجمي أحب أن تعلمني أول مبتدأ ديني، ومفتاح صلاتي، كيف أتوضأ للصلاة؟ قال: نعم، وكرامة. يا غلام، هات إناء فيه ماء، فقعد الطنافسي وتوضأ ثلاثًا ثلاثًا ثم قال: هكذا، فتوضأ، قال حاتم: مكانك حتى أتوضأ بين يديك فيكون أؤكد لما أريد، وقام الطنافسي وقعد حاتم فتوضأ، ثم غسل الذراعين أربعًا قال الطنافسي له: يا هذا أسرفت.
قال له حاتم: في ماذا؟ قال: غسلت ذراعك أربعًا، قال حاتم: يا سبحان الله أنا في كف ماء أسرفت، وأنت في هذا الجمع كله لم تسرف؟ فعلم الطنافسي أنه أراده بذلك ولم يرد منه التعلم، فدخل البيت ولم يخرج/ إلى الناس أربعين يومًا.
فالعالم إذا خالف علمه عمله، وكذب فعله قوله كان ممقوتًا في الأرض والسماء مضلة لمن رام به الاقتداء وإذا [أ] مر بغير ما يعمل مجت الأسماع كلامه، وقلت له في الأعين مهابته، وزالت من القلوب مكانته كما قال مالك بن دينار: إن العالم إذا لم يعمل بعلمه تزل موعظته عن القلوب، كما يزل القطر من الصفا.