قال حجة الإسلام أبو حامد الغزاليّ رحمه الله: إعلم أن كل قاعد في بيته أينما كان فليس خالياً في هذا الزمان عن منكر من حيث التقاعد عن إرشاد الناس وتعليمهم وحملهم على المعروف فأكثر الناس جاهلون بالشرع في شروط الصلاة في البلاد، فكيف بالقرى والبوادي ومنهم الأعراب والأكراد والتركمان وسائر أصناف الخلق.
وواجب أن يكون في كل مسجد ومحلة من البلاد فقيه يعلم الناس دينهم وكذا في كل قرية.
وواجب على كل فقيه فرغ من فرض عينيه وترغ لفرض الكفاية أن يخرج إلى كل من يجاوره من أهل السواد ومن الأعراب والأكراد وغيرهم ويعلمهم دينهم وفرائض شرعهم، ويستحصب مع نفسه زاداً يأكله ولا يأكل من أطعمتهم فإن أكثرها يكون شبهة فإن قدم بهذا الأمر واحد سقط الحرج عن الآخرين، وإلَّا عمَّ الحرج الكافة أجمعين.
أما العالم فلتقصيره في الخروج، وأما الجاهل فلتقصيره في طلب العلم. وكل عاميّ عرف شروط الصلاة فعليه أن يعرف غيره وإلا فهو شريك في الإثم.
ومعلوم أن الإنسان لا يولد عالماً بالشرع وإنما يجب التبليغ على أهل العلم وكل من تعلم مسألة واحدة فهو من أهل العلم بها ولعمري الإثم على الفقهاء أشد لأن قدرتهم فيه أظهر وهو إحياء بضاعتهم ببضاعتهم أليق، لأن المتحرفين لو تركوا حرفتهم لبطلت المعايش فهم قد تقلدوا أمراً لا بد منه في صلاح الخلق.