ولكن لم يحضر الخمر، فهذا مشكوك فيه، وربما يعوق عنه عائق فليس لآحاد المسلمين الإنكار على هذا بطريق الوعظ والنصح، وأما بالتعنيف والضرب فلا يجوز الآحاد الرعية بل ولا للسلطان إذا كانت تلك المعصية معلومة منه بالعادة المستمرة، وقد أقدم على السبب الذي يفضي إليها، ولم يبق لحصول المعصية إلا ما ليس فيه انتظار ذلك كوقوف الأحداث على أبواب حمامات النساء للنظر إليهن عند الدخول والخروج، فإنهم وإن لم يضيقوا الطريق لسعته، فينبغي إقامتهم عن الموضع ومنعهم من الوقوف بالتعنيف في نفسه، فإن كان يقصد العاصي ورآه كما أن الخلوة بالأجنبية معصية في نفسها لأنها مظنّة وقوع المعصية، وتحصيل مظنّة المعصية معصية، ويعني بالمظنة ما يتعرض الإنسان به لوقوع المعصية غالباً ولهذا أمثلة كبيرة:
كامرأة تزينت وخرجت من بيتها ليلاً وقد عهد منها الفسق.
/ ورجل أخذ سلاحه ووقف في الطريق وقد عرف بقطع الطريق.
ورجل اشتغل بتعليم أمرد حسن وقد علم منه الميل إلى الأحداث.
وإنسان عزم على دخول حمام فيه ناس وليس له مئزر.
إلى غير ذلك من الأمثال.
مسألة:
قال الرافعي وغيره: إذا رؤى رجل واقفاً مع امرأة في شارع يطرقه الناس لم ينكر، وإن كان في طريق خال فهو موضع ريبة فينكر.
ويقول: إنْ كنت ذا محرم فصنها عن مواقف الريب، وإن كانت أجنبية فخف الله معها.