للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولا شك أن من رأى أخاه على منكر ولم ينهه، فقد أعانه عليه بالتخلية بينه وبين ذلك المنكر وعدم الاعتراض عليه، وليس هذا من الدين في شيء. إذ لا يؤمن الرجل حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وإنما الدين النصيحة، ومن رأى إنساناً يهوي في النار ولم ينصحه فإن إثمه عليه.

وفي الصحيحين عن جرير – رضي الله عنه – قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فلقنني / فيما استطعت والنصح لكل مسلم.

وقد جاء عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: كنا نسمع أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة وهو لا يعرفه فيقول له: مالك إلي بيني وبينك معرفة؟ فيقول: كنت تراني على الخطأ وعلى المنكر ولا تنهاني.

فإذا الواجب على كل مسلم أن ينصح أخاه المسلم، ويهديه إلى مصالح آخرته وينقذه من مضارها، لأن صديق الإنسان حقيقة من أرشد صديقه إلى عمارة آخرته، وإن كان فيها خراب دنياه، وعدوه من أرشده إلى تقصيره في آخرته وإن كان فيها زيادة دنياه.

وقال تعالى {لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: ٦٣].

ومعنى لولا ينهاهم: أفلا ينهاهم، والربانيون: هم علماء النصارى، والأحبار: علماء اليهود – قاله الحسن.

وقيل: هما جميعاً علماء اليهود.

وقال القرطبي: وبخ الله سبحانه وتعالى علماءهم في تركهم نهيهم فقال: لبئس ما كانوا يصنعون، كما وبخ من يسارع في الإثم بقوله: لبئس ما كانوا يعملون.

<<  <   >  >>