قال: ودلت الآية على أن تارك النهي عن المنكر كمرتكب المنكر، فالآية توبيخ للعلماء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، انتهى.
وتالله إنهم لأهل لكل توبيخ، ومحل كل تهديد، لأن علماء السوء سبب كل فساد ومنع كل شر وأوصل كل بلاء وفتنة.
فأني يصلح الناس والعلماء فاسدون؟ أم كيف ينزجر الناس والعلماء مرتكبون؟ أم كيف تعظم المعصية في قلوب الجاهلين والعلماء بأفعالهم وأقوالهم يهونونها؟ أم كيف يرغبون في الطاعة والعلماء لا يأتونها؟ أم كيف يقفون عند الحدود والعلماء يتعدومها؟ أم كيف يتركون البدع والعلماء يرونها فلا ينكرونها؟ أم كيف يتورعون عن الشبهات وهي أطيب طيبات العلماء التي يأكلونها؟ بل أنواع الحرام لا يأبونها، وأبواب الورع لا يأنونها.
وما أحسن قول بعضهم:
(يا معشر ويا ملح البلد ... ما يصلح إذا الملح فسد)
/ ضلوا تبعاً للعالم، كظل العود القائم إن استقام استقاموا، وإن مال مالوا في المآثم.
ولهذا كان العالم الذي لم يعمل بعلمه أشد الناس عذاباً يوم القيامة لأنه ضل بعد علمه، وأضل الناس فكان شرهم مآباً.
اللهم أصلح علماءنا لتصلح أحوالنا بصلاحهم، ووفقهم للعمل بما يعلمون ليفلح الناس بفلاحهم، وخذ بنواصيهم واهد بهم الخلق، ووفقهم للطاعة وبصرهم بالحق، فإن الهداية والغواية إليك، وأنت المسئول في كل خير، والاتكال عليك يا أرحم الراحمين.
وقال تعالى {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ