فيما نزل به وعاص بقتل نفسه، كذلك الساكت عن إنكار المنكر آثم بسكوته عاص بإهلاك نفسه.
- ومنها أنَّ شركاء السفينة إذا سكتوا عمن أراد خرقها كانوا هم وإياه في الهلاك سواء، ولم يتميز المفسد في الهلاك من غيره، ولا الصالح منهم من الطالح، كذلك إذا سكت الناس عن تغيير المنكر عمهم العذاب، ولم يميز بين مرتكب الإثم وغيره، ولا بين الصالح منهم وغيره كما سيأتي.
- ومنها أنه لا يقدم من الشركاء على خرق السفينة إلا من هو أحمق يستحسن ما هو في الحقيقة قبيح، ويجهل عاقبة فعله الشنيع، كذلك لا يقدم على المعصية إلا من استحسنها لنفسه، وجهل ما فيها من عظيم الإثم وأليم العاقبة/ إذا لو علم حق العلم أنه يفعل في دينه بمعصية من الفساد ما يفعله خارق السفينة لما أقدم على المعصية أبدًا.
- ومنها أنه لا يقدم على خرق السفينة من أيقن بما في خرقها من إهلاكه إذ لا يقدم على إهلاك نفسه إلا من جهل أو شك فيه، كذلك لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن بوعيد الله تعالى، وأليم عذابه على الزنا ولا يسرق السارق حيث يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن وهذه قريبة من التي قبلها.
وفوائد كلام من أوتي جوامع الكلم لا تنحصر أبدًا، والله أعلم.
وفي الصحيحين عن زينب بنت جحش- رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعًا يقول:«لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلَّق بإصبعه الإبهام والتي تليها فقلت: يا رسول الله أنهلكُ وفينا الصَّالحون؟ قال: نعم إذا كثُر الخبث».
- قلت: هذه سنة الله الماضية في خلقه أن العذاب إذا نزل يعم ولا يميز،