وأما المنكر الذي أنكر بقدر استطاعته ولم يغير المنكر فالظاهر أن العذاب يعمه في الدنيا دون الآخرة لما تقدم في حديث عائشة (إن الله تعالى إذا أنزل سطوته بأهل نقمته، وفيهم الصالحون فيصابون معهم ثم يبعثون على نياتهم).
ولا يسمى المرء صالحًا إلا إذا أنكر بحسب وسعه.
وأما من داهن ولم ينكر مع استطاعته فإنه يصير من الفاسقين لا من الصالحين.
وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء. رواه مسلم.
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء الأربعة سواء في الإثم لأن الشاهد والكاتب اطلعا على هذا المنكر، ولم ينكراه بل ساعدا فيه، فكان إثمهم كإثم الآكل، وفسقهم كفسقه، فلا جرم أن يعمهم العذاب في الدارين، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون.
- وخرج الأصبهاني في (الترغيب والترهيب) عن ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا الله فلا يستجيب لكم، وقبل أن تستغفروه فلا يغفر لكم».
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يدفع رزقًا ولا يقرب أجلًا، وإن الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى لما تركوا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر لعنهم الله على لسان أنبيائهم/ ثم عمهم بالبلاء.
قلت: أرشد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث الناس أجمعين، وأمرهم أن يقدموا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يلتفت أحد منهم إلى ما يلقيه الشيطان عنده من الخوف والجزع وتقدير وقوع المحذور من الضرب والقتل، وأنه أيضًا