لا يلتفت إلى ما يوسوس له من قوله: إنك إذا اعترضت على هذا الظالم وأنكرت عليه قطع رزقك وعزلك عن منصبك وأخذ مالك، ونحو هذا فإن هذه التقديرات كلها في الحقيقة وساوس من الشيطان ليضله عن سبيل النجاة ويحشره يوم القيامة مع العصاة.
فالواجب على المرء إذا وقع له شيء من ذلك أن يقابله بصريح الإيمان، سبق القضاء والقدر بكل حركة وسكون، وأن الرزق مقسوم كما أن الأجل محتوم.
- وقد قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس:«واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف».
فإذا آمن بهذا وصدق به التصديق الحقيقي، ترك تقدير الحساب، وأقبل على ما أمر به رب الأرباب، فحاز من الله جزيل الثواب، وفاز عنده بحسن المآب، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
- وقد خرج ابن ماجة بإسناد جيد عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال قال رسو الله صلى الله عليه وسلم:«لا يحقرن أحدكم نفسه قالوا: يا رسول الله وكيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: يرى أمرًا لله عليه فيه فقال ثم لا يقول فيه فيقول الله عز وجل له يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا؟ فيقول: خشية الناس فيقول فإياي كنت أحق أن تخشى».