للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قسم منها أبيض شديد في الدين كشدَّة الصفاء لا تأخذه في الله لومة لائم ولا تضره فتنة في دينه أبدًا ما دامت السماوات والأرض، إذا صار لشدة صفائه وإشراق نوره لا تؤثر فيه ظلم المعاصي، ولا كدرات المنكرات، وصار له فرقًا يفرق به عين الحق والباطل، فلا يلتبس عليه شيء إذا الفرقان نتيجة التقوى، كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [سورة الأنفال: ٢٩].

وأما القسم الآخر، فإنه يصير لكثرة النكت فيه أسود منكوسًا قد خرج منه نور الإيمان، كما يخرج الماء من الكوز المنكوس فلم يبق فيه شيء من نور الإيمان يفرق به بين المعروف والمنكر، كالأعمى الذي فقد نور بصره فليس له ما يميز به سوى ما تميل إليه نفسه، ويرجحه هواه.

ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا أذنب ذنبًا نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب ونزع صقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه».

وفي رواية حتى تغلف قلبه.

فذلك الران الذي قال الله تعالى {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [سورة المطففين: ١٤].

رواه الترمذي وصححه ابن حبان وغيرهما.

تنبيه:

قد تقوم كثرة رؤية المنكرات مقام ارتكابها في سلب القلب نور التمييز والإنكار، لأن المنكرات إذا كثر على القلب ورودها وتكرر في العين شهودها ذهبت عظمتها من القلوب شيئًا فشيئًا، إلى أن يراها الإنسان فلا يخطر بباله أنها

<<  <   >  >>