للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الزق طعنة مختطفة فيهراق ما فيه ويبطل هذا المنكر، ولكنه يعلم أنه يرجع إليه فيضربه، فمثل هذا يسقط عنه الوجوب، ولكنه يستحب له أن يفعل ويحتسب ما نزل به عند الله، فإن الأجر على قدر النَّصب، وقد يعالجه قهر القضاء والقدر فيحول بين الفاسق وبين ما يريد، ويقع أجر المنكر على الله، والله لا يضيع أجر المحسنين.

وكذلك إذا علم أنه تنهب داره أو يخرب بيته أو تسلب ثيابه، فإنه يسقط عنه وجوب الإنكار أيضًا، ويبقي الاستحباب، إذ لا بأس به بأن يفدي دينه بدنياه، ولكل واحد من الضرب والنهب حد في القلة، لا يلتفت/ إليه كالحبة من المال، والضربة الخفيف ألمها عند كثير من الناس، وحد في الكثرة يتيقن اعتباره مسقطاً ووسط يقع في محل الاشتباه والاجتهاد، وعلى المتدين أن يجتهد فيه، ويسلك طريق الورع والآخذ بالأحوط ويرجع جانب الدين ما أمكن.

٣ - فصل

فإن علم انه لا يضرب ولا ينهب ماله، ولكن يوضع منديله أو عمامته في رقبته ويدار به في البلد أو يسود وجهه ويكشف رأسه ويطاف به حافيًا ونحو ذلك، فهذا أيضاَ مما يرخص في السكوت ويسقط الوجوب لأن المروءة مأمور بحفظها في الشرع، وهذا مؤلم للقلب عند أكثر الناس يزيد على ألم ضربات معدودة ودارهم يسيرة، فإن علم أن لا يعفل به ذلك ولكن يتكلف المشي راجلًا وعادته الركوب، أو منفرداً وعادته المشي في جماعته وغلمانه، أو في ثياب دون ثيابه التي يخرج بها إلي الناس ونحو ذلك، فلا ينبغي أن يكون مثل هذا عذراً في سقوط الوجوب.

قال الغزالي: وكذلك لو خاف أن يتعرض له بالسب إما في حضرته بأن يقال له يا أحمق يا جاهل، يا مرائي، يا منافق ونحو ذلك، أو في غيبته بأنواع

<<  <   >  >>