للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* إمَّا بعزله لزوال ظلمه فقط؛ وهذا حسن.

* وثانيهما: بذهاب أولاده وهلاك أهله ونحوهم ممَّن تعلَّق به ولم يحصل منه جناية عليه، وهذا منهيٌّ عنه لأذيَّته مَن لم يمنّ عليه.

* وثالثهما: الدُّعاء بالوقوع في معصية؛ كابتلائه بالشُّرب أو الغيبة أو القذف؛ فينهى عنه أيضاً؛ لأنَّ إرادةَ المعصية للغير معصية.

* ورابعهما: الدُّعاء عليه بحصول مؤلمات أعظم ممَّا يستحقُّه في عقوبته؛ فهذا لا يتَّجه أيضاً؛ لقوله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}. ففعلُه جائز وتركُه أحسن (١).

قد يشتبه على بعض الناس دليلان في ظاهرهما الدلالة على جواز الدُّعاء على الظالم بالإثم والمعصية:

أحدُهما: من القرآن الكريم؛ وذلك في حكاية الله- عزَّ وجلَّ- عن موسى- عليه السَّلام- دعاءه على فرعون وقومه، وفيه: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: ٨٨].

فالجواب عن هذا بأن يقال: إنَّ دعاءَ موسى جاء بعد علمه بوحي من الله تعالى أنَّ قومَ فرعون لا يؤمنون ولو جاءتهم كلُّ آية ومعجزة؛ وليس فيه الدُّعاءُ مطلَقاً على كلِّ كافر أو ظالم بطمس القلب واليأس من الإيمان والتَّوبة.


(١) الفواكه الدواني ١/ ٤٧٠.

<<  <   >  >>