للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال - صلى الله عليه وسلم -: «يا عقبة بن عامر: صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك» (١).

١٠ - تحجُّرُ الدُّعاء: ومن ذلك قولُ الأعرابيّ: (اللهمَّ ارحمني ومحمَّدًا ولا ترحم معنا أحداً). فلمَّا سَلَّمَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابيِّ: «لقد حجَّرتَ واسعاً». يريد رحمة الله (٢).

١١ - تعليقُ الدُّعاء بالمشيئة؛ فعن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يَقُلْ أحدُكم: اللهمَّ اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت. ليعزم المسألة؛ فإنَّ اللهَ لا مكرهَ له» (٣). ولمسلم: «وليعظم الرَّغبة، فإنَّ اللهَ لا يتعاظمه شيء أعطاه» (٤).

فقولُ القائل: (اللهمَّ اغفر لي إن شئت). كأنَّه يقول: لستُ محتاجاً إليك؛ إن شئتَ فاغفر لي، وإن لم تشأ فلستَ بمحتاج. وهذا فعلُ أهل التَّكبير وأهل الإعراض عن الله؛ ولهذا حُرِّمَ هذا اللَّفظ.

وقولُه: «ليعزم المسألة». هذا أحدُ أسباب المنع في الحديث؛ وهو أنَّ تعليقَه بالمشيئة يدلُّ على الفتور وضعف الهمَّة وقلَّة التعلُّق بالله تعالى؛ ولذا قال: ليعزم المسألة. أي: اسأل بعزم وقوَّة.

قوله: «فإن اللهَ لا مكرهَ له». هذا السَّبب الثَّاني؛ لأنَّ تعليقَ الدُّعاء بالمشيئة يوهم أنَّ اللهَ له مكره له، ويوهم النَّقصَ لله؛ فإنَّ اللهَ لا مكرهَ له (٥).


(١) رواه أحمد (٤/ ١٥٨) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" ٨٩١.
(٢) رواه البخاري باب رحمة الناس والبهائم برقم ٥٦٦٤ (٥/ ٢٢٣٨).
(٣) رواه البخاريّ، باب ليعزم المسألة فإنَّه لا مكره له، برقم ٥٩٨٠ (٥/ ٢٣٣٤)، مسلم، باب ليعزم المسألة ولا يقل: إن شئت. برقم ٢٦٧٩ (٤/ ٢٠٦٣).
(٤) سبق تخريجه ص٢٦.
(٥) التمهيد شرح كتاب التوحيد ص٥١٥.

<<  <   >  >>