للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحال مع الله تعالى قد تحدث بها وأخبر بها فسلبه إياها الأغيار ولهذا يوصي العارفون والشيوخ بحفظ السر مع الله تعالى ولا يطلع عليه أحد، والقوم أعظم شيئا كتمانا لأحوالهم مع الله وما وهب الله من محبته والأنس به وجميعه القلب ولاسيما فعله للمهتدي السالك فإذا تمكن أحدهم وقوي في قلبه وثبت أصول تلك الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء في قلبه –بحيث لا يخشى عليه من العواصف فإنه إذا أبدى حاله مع الله تعالى ليقتدى به ويؤتم به- لم يبال وهذا باب عظيم النفع إنما يعرفه أهله.

وإذا كان الدعاء المأمور بإخفائه يتضمن دعاء الطلب والثناء والمحبة والإقبال على الله تعالى فهو من عظيم الكنوز التي هم أحق بالإخفاء عن أعين الحاسدين.

ب- اتخاذ الدعاء مادة للمزح والتندر: إذ إن الدعاء عبادة كما ورد ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الدعاء هو العبادة» (١) فكيف يليق بمؤمن أن يتخذها مادة للمزح والتندر ولأن هذه الحالة أبعد ما تكون عن التضرع والخشوع والله يقول: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥].

وقد تدخل في باب الاستهزاء بالدين وهنا الخطر الأكبر.

ج- الدعاء مع النعاس أو فرط الشبع أو مدافعة الأخبثين أو ملامسة النجاسة أو أثناء كشف العورة وغيرها من الحالات التي لا تناسب التقرب.

د- التلحين والتغني والتطريب والتمطيط في أداء الدعاء، لأنه ينافي الضراعة والابتهال، وهذا مما ابتلينا في زماننا هذا فيندر أن نجد

إماما في القنوت خاصة يبتعد عن مثل هذا التعدي، لأنه يرى أن

هذا الأداء ادعى في التأثير في قلوب الناس مما يحصل به


(١) سنن أحمد، مسند النعمان بن بشير برقم ١٨٧٥٩، (٤/ ٢٧١)، سنن الترمذي، سورة البقرة برقم ٢٩٦٨ (٥/ ٢١١).

<<  <   >  >>