ولا يصدّ عن التقوى بصيرته ... لأنها للمعالي أوضح السبل
من لم تكن حلل التقوى ملابسه ... عاراً وإن كان مغموراً من الحلل
من لم تفده صروف الدهر تجربة ... فيما يحاول فليرعى مع الهمل
من سالمته الليالي فليثق عجلاً ... منها بحرب عدوّ غير ذي مهل
من كان همته والشمس في قرن ... كانت منيته في دارة الحمل
من ضيع الحزم لم يظفر بحاجته ... ومن رمى بسهام العجب لم ينل
من جالس الغاية النوكى جنى ندماً ... لنفسه ورمى بالحادث الجلل
من جاد ساد وأمسى العالمون له ... وفا وحالة أهل الكف لم تحل
من لم يصن عزه ساءت خليقته ... بكل طبع لئيم غير منتقل
من رام نيل العلى بالمال يجمعه ... من غير حل بلى من جهله وبلي
من هاش عاش وخير العيش أشرفه ... وشره عيش أهل الجبن والبخل
عاجمت أيام دهر شدة ورخا ... وبوأت فيها بأثقال عليّ ولي
وخضت في كل واد من مسالكها ... بلا فتور ولا عجز ولا فشل
طوراً مقيماً مقام الصيد في صدف ... وتارة في ظهور الأينق الذلل
بالشرق يوماً ويوماً في مغاربه ... والغور يوماً ويوماً في ذوي القلل
وتارة عند أملاك غطارفة ... وتارة أنا والغوغاء في زحل
هذا ولم أرتض حالاً ظفرت به ... إلا وثقت بحبل منه منفصل
ولا أيمم بحراً جاش غاربه ... إلا وجدت سراباً أو صرى وشلي
حتى إذا لم أدع لي في الثرى وطناً ... أقصرت من غير لا وهن ولا ملل
فاليوم لا أحد لي عنده أرب ... ولا فتى أبداً ذو حاجة قبلي
وفي الفؤاد أمور لا أبوح بها ... ما قرب النائي أيدي الخيل والإبل
وإن أمت فلقد أعذرت في طلب ... وإن عمرت فلن أصغي إلى عذل
تمت برسم أخ مازال يسألني ... إنشاءها أبداً في الصبح والطفل
فقلتها لأرى مفروض طاعته ... والقلب شغل ناهيك من شغل
ولا أبالغ في توقيف أكثرها ... ولا ذكرت بها شيئاً من الغزل
لكنها حكم مملوءة همماً ... تغني اللبيب عن التفصيل بالجمل