لا تقبل الدعوى بغير شاهد ... لا سيما ما كان من معاند
أيؤخذ البريء بالسقيم ... والرجل المحسن باللئيم
كذاك من يستنصح الأعادي ... يردونه بالغش والفساد
إن أقلّ من ترى أذهاناً ... من حسب الاساءة إحسانا
فادفع اساآت العدى بالحسنى ... ولا تخل يسراك مثل اليمنى
وللرجال فاعلمن مكائد ... وخدع منكرة شدائد
والندب لا يخضع للشدائد ... قط ولا يغتاظ بالمكائد
فرّ في الخرق بلطف واجتهد ... وامكر إذا لم ينفع الصدق وكد
فهكذا الحازم إذ يكيد ... يبلغ في الأعداء ما يريد
وهو بريء منهم في الظاهر ... وغيره مختضب الأظافر
والشهم من يصلح أمر نفسه ... ولو بقتل ولده وعرسه
فإن من يقصد قلع ضرسه ... لم يعتمد إلا صلاح نفسه
وإن من خص اللئيم بالندى ... وجدته كمن يربي أسدا
وليس في الطبع اللئيم شكر ... وليس في الأصل الدنيّ نصر
وإن من ألزمه وكلفه ... ضد الذي في طبعه ما أنصفه
كذاك من يصطنع الجهالا ... ويؤثر الأرذال والأنذالا
لو أنكم أفاضل احرار ... ما ظهرت بينكم الأشرار
إن الأصول تجذب الفروعا ... والعرق دساس إذا أطيعا
ما طاب فرع أصله خبيث ... ولا ذكا من مجده حديث
قد يبلغون رتباً في الدنيا ... ويدركون وطراً من عليا
لكنهم لا يبلغون في الكرم ... مبلغ من كان له فيها قدم
وكل من تماثلت أطرافه ... في طيبها وكرمت أسلافه
كان خليقاً بالعلاء والكرم ... وبرعت في أصله حسن الشيم
لولا بنو آدم بين العالم ... ما بان للعقول فضل العالم
فواحد يعطيك جوداً وكرم ... فذاك من يكفره فقد ظلم
وواحد يعطيك للمصانعة ... أو حاجة له إليك واقعه