للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

على المرء أن يسعى على الخير جهده ... وليس عليه أن تتم المطال

قال بعض الفضلاء لا تكثر مخالطة الناس فإن فعلت فأغمض عن القذى واحتمل ما ينالك من الأذى، ولله در من قال:

مضى الخير طرا ليس منصف ... وكل وداد فهو منهم تكلف

وكل إذا عاهدته فهو ناقض ... لعهدك أو واعدته فهومخلف

وأبناء هذا الدهر كالدهر لم يثق ... به وبهم إلا جهول ومسرف

قال بعض الأدباء خير الكلام ما قلّ ودل ولم يطل فيمل، نعم الناصر الجواب الحاضر، العقل بغير أدب شين، والأدب بغير عقل حين، حلّى الرجال الأدب وحلى النساء الذهب، وقال بعض الحكماء: عقل بلا أدب كشجاع بلا سلاح، الأدب وسيلة إلى فضيلة، النعمة

وسيمة فاجعل الشكر لها تميمة، لا زوال للنعمة مع الشكر ولا بقاء لها مع النكر، الزهد في الدنيا الراحة الكبرى، والرغبة فيها البلية العظمى، صمت كافي خير من كلام غير شافي، إنما الحليم من يغفر الذنب العظيم، وما أحسن قول القائل:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبد الناس إحسانا

وإن أساء مسيء فليكن لك في ... إعراض زلته صفح وغفران

وكن على الدهر معوانا لذي أمل ... يرجوك فيه فإن الحر معوان

شر الناس من لا يقبل الاعتذارات، ولا يستر الزلات ولا يقيل العثرات، من كثرت أياديه قلت أعاديه، من طلب الممالك صبر على هجوم المهالك، من جاد ساد وجل، ومن بخل رذل وذل، من تواضع وقر ومن تعاظم حُقر درك الأموال في ركوب الأهوال، من لم ينلك خيره في حياته لم تبك عيناك على مماته، من لم يستفد بالعلم مالا استفاد به جمالا، من صبر على مأموله أدركه، ومن تهور في نيله أهلكه، ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع، جالس أهل العقل والأدب والتجربة والحسب، قيل إن رجلا تكلم بين يدي الخليفة المأمون فأحسن فقال له المأمون ابن من أنت فقال ابن الأدب يا أمير المؤمنين، فقال نعم النسب أقول رعى الله القاضي العلامة إمام أهل الأدب وأفضل منجد للمكارم وطلب عبد الرحمن بن أحمد البهكلي دخلت عليه يوماً في منزله ببيت الفقيه وهو يكرر هذين البيتين فحفظتهما ولله در قائلهما:

كن ابن شئت واكتسب أدبا ... يغنيك محموده عن النسب

<<  <   >  >>