للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وللآخرة خير لك من الوى - وأنشد:

لم يزدك التقديم في الفضل شيئاً ... وأنا ما نقصت بالتأخير

بيننا في القياس فرق لطيف ... مثل ما بين يوسف والبشير

فحدق النرجس وحولق، ورفع رأسه بعد أن أطرق، وقال إن افتخرت بآثارك فليست العين كالأثر، وإن كنت مباشر الثغور، فأنا إلى حسن النظر مع أنهم أرخصوا بك في التعسير، وما عصروك عن ذنب كبير، ولو لم تكن من المتمردين والنجاس، ما حبسوك في قماقم النحاس. أنت في افتخارك كما قالت الحكماء أنف في الماء واست في السماء، تتطفل على الموائد، ولا تصبر على طعام واحد، وأقسم بقدي الرشيق ولوني الشريق وبياض صحائفي واخضرار سوالفي لئن لم تصن بهجتك المسبوكة وتستر فضائحك المهتوكة لأقطعن طرقك المسلوكة وأجعلن حرفتك متروكة ولا اترك لك في عصبة الزهار شوكة وأذيقك عذاب الهون، أتعيبني وكلك عيوب وكلي عيون أنا طبعي الوفاء، وأنت طبعك الغدر، وأنا أوّل من تنشق عنه الأرض من الزهر ولا فخر، ولولا خشية التطويل عددت معايبك على التفصيل، ولكن شيمتي غض الطرف في المجلس، وما أحسن الغض من النرجس، وإن تشبهت بالشمي أنا بكسوفك شامت، وإن كنت من السيارة فأنا من النجوم الثوابت، وشتان بين طالع وىفل، وكم بين مقيم وراحل، وإن لم ترجع إلى السكينة والوقار، لأريك النجوم بالنهار، أين قضبان الزمرد دمن شوك القتاد، وكم بين مريد ومراد، وأقسم بمن زين السماء بزينة الكواكب، إن لم ترجع لأرمينك بشهاب ثاقب، وأسلط عليك رجوم نجومي، وأقول مضمناً قول ابن الرومي:

عجبت للورد إذا وفى بناظره ... وزاد في تقوّله عجباً وفي شططه

يبدو وطياته من حول حمرته ... كصرم بغل وباقي الروث في وسطه

فخجل خد الورد حتى كلله من الطل العرق، وكاد خوف الفضيحة يتستر بالورق، ثم إنه استشاط كمن أطلق من عقال، وسطا على النرجس بشوكه وقال، يا نفاضة المحافل ولفاظة المزابل، كم بين مهتوك ومصون، ومتروك ومخزون، فجلّ القضية أنك راجل وأنا فارس، وتقوم في الخدمة وأنا جالس، ولولا فجورك وقوّة الحدقة ما جئت تزاحمني في الطبقة وأنشد:

<<  <   >  >>