للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشريعة المحمَّدية.

وأمَّا كونه مكذِّبًا بآيات الله: فواضح.

والآيات القرآنية والأحاديث النبوية كثيرة في أنَّ شرع الدين خاص بالله عزَّ وجلَّ، وفي أنَّ الدين قد كَمَل، وأنَّ عِلْم حُكْمِ الله قد انسدَّ إلَّا بواسطة كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وفي أنَّ النبوة قد خُتِمَت ولم يبق منها إلَّا الرُّؤيا الصالحة، والكشف نوع منها يحتاج إلى التعبير مثلها، فإذا تضمَّن الزيادة في الدِّين على ما بلَّغه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فذلك برهانٌ على كَذِبه أو على أنَّ له تعبيرًا يخرجه عن ظاهره.

وقد حقَّقنا هذا في "رسالة العبادة"، وحقَّقنا فيها أنَّ التَّحديث المذكور في قوله: "إنَّه كان فيمن قبلكم محدَّثون ... " (١) إنَّما يحصل به الظَّن، ولا يعلم المُحَدَّث أنَّ ذلك الظن من التحديث، لأنَّ الظَّن كما يحصل به فقد يحصل بالوسوسة، وبالتوهُّم المبنيِّ على سببٍ خفيٍّ قد لا يتنبَّه له المتوهِّم، وإن كانت نفسه قد بَنَتْ عليه ما بَنَتْ.

ومثال ذلك: أن ينالك أذى وضُرٌّ من إنسان، ثم بعد بُرْهةٍ من الزَّمان رأيتَ إنسانًا آخر، فوقع في نفسك أنَّه يريد بك شرًّا وأذى.

والسبب أنَّ بينه وبين المؤذي مشابهة ما في الصورة أدْرَكَتْها نفسُك لأول نظرةٍ، ولم يضبطها عقلك، ولهذا الاشتباه لم يكن عمر نفسُه يحتجُّ بظنِّه، ولا يبني عليه الأحكام.


(١) أخرجه البخاري (٣٤٦٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ومسلم (٢٣٩٨) من حديث عائشة رضي الله عنها، وغيرهما.

<<  <   >  >>